الرغبة والفلسفة
مدخل إلى قراءة دولوز وغوتاري
Description of book
إنّكم لا ترغبون البتّة في شخص أو شيء مفردٍ، وإنّما ترغبون في مجموع. كان سؤالنا المنطلق، [أنا وغوتاري] هو: ما طبيعة العلاقات الضّرورية بين العناصر لكي تقوم رغبةٌ، لكي تصبح العناصرُ موضوع رغبة؟. كان بروست يقول لست أرغب في هذه المرأة، وإنّما أرغب في المنظر الذي تنطوي عليه هذه المرأة .. وبالمِثل، حين تقول امرأةٌ ما إنّها ترغب في هذا الشّيء أو ذاك، فهي لا تقصد الشّيءَ مجرّداً، وإنّما داخلَ سياقٍ مَعيش.. بل حتّى إنّنا، في الواقع، لا نرغب في مجموع، وإنّما نرغب داخل مجموعٍ. بعبارة أخرى ما من رغبةٍ إلّا وتفترض وصلاً وربطاً، إنّها بناءُ مجموعٍ. يحيل إنسان التعدد كما صاغه دولوز وغوتاري على واجهتين متكاملتين، تنفتح الواجهة الأولى على الفرد ضمن فردانيته، بينما تنفتح الثانية على الفرد داخل المجموعة ؛ فعلى المستوى الفردي يتم ربط مفهوم التعدد بمفهوم الهوية. ليس معنى ان نكون متعددين هو أن تكون لنا هويات متعددة، و إنما يعني ألا تكون لنا هوية بالمرة ؛ هو أن نمحو هويتنا بما هي مفهوم مصاغ بشكل قبلي، هوأن نشظي أنواتنا إلى ما لا نهاية له من الأجزاء، بحيث نغدو أبناء أحداثنا فحسب. يقول دولوز و غوتاري في بداية " النجود الألف " بأنهما احتفظا باسميهما بدافع العادة لا أكثر، إذ لم يعد الاسم يعني لهما شيئا، فهما أصلا لا يكتبان كشخصين، و إنما بالأحرى كجدولين يشكلان معا رافدا ضمن تدفقات وصيرورات متعددة. ليس المقصود من ذلك بلوغ مرحلة ينتفي معها النطق بـ " أنا "، وإنما يعني بلوغ المرحلة التي لا يعود معها النطق بـ " أنا " يعني شيئا، تلك المرحلة التي تسمح بتحقيق شرط الكتابة بما هي صيرورات : صيرورة امرأة، صيرورة حيوان، صيرورة نبات.